الله محبة هذه هى حقيقته ويمكن أن يطلق عليه أنه جوهر الحب ففى بدء الخليقة كان الله مثلث الأقانيم يشتاق الى خلقة الأنسان لكى يتبادل معه الحب الذى هو جوهره فلا معنى للحب إلا إذا وجد من يحبه فخلق الله الأنسان بعد أن هيأ له الدنيا كلها من حوله وليس ذلك فقط بل أفاض عليه من سلطانه حتى أخضع له جميع المخلوقات التى خلقها الله من قبله فهذه المخلوقات جميعها قد خلقت من أجل أسعاد الأنسان ليس ذلك فقط بل أوجد لأدم حواء شريكته فى المجد والبهاء المعطى له من الله لإسعاده وإسعاد حواء أيضا وكان العالم كله عبارة عن مشاعر حب متبادلة بين الله وأدم وحواء حتى أن الحيوانات المفترسة كانت مستأنسة بالنسبة الى أدم وحواء حتى أن أدم أعطى لكل حيوان أسمه لكى ما نادى عليه يأتى إليه وهذا دليل الدالة التى كانت توجد بين أدم والحيوانات جميعها الى أن أغتاظ الشيطان من هذا الحب الذى يملئ الكون فدخل الى الحية التى أغرت حواء وهى بدورها أغرت أدم فسقطا فى العصيان وبذلك كسروا دائرة الحب بينهم وبين الله فأبتدأ كل شئ يتغير عن ماكان عليه فالأرض لا تعطى ثمرها كما فى القديم والحيوانات تغيرت طبيعتها الى الطبيعة الوحشية بل أن الأنسان نفسه تغيرت طبيعته الى العدائية عندما قتل قايين أخوه هابيل وأبتدأ الأنسان يقاسى الأتعاب من أجل أنه أنفصل عن الله المحب وذلك نتيجة الخطية ولكن الله حاشا أن يتغير فهو ما زال الأله المحب ولا يوجد فيه تغيير ولا ظل دوران فما أن أخطأ الأنسان حتى أبتدأ الله فى خطة الفداء مقدما لأدم وحواء أول رمزا للفداء وهو القميص الجلدى الذى قدمه الله لأدم وحواء حتى يستترا من عريهما كأنه يقول لهما لا تقلقا إن كان الشيطان قد أغواكما لكى تبتعدا عنى لكننى أنا الله محبة وسوف أقدم الفداء لكما ولنسلكما ولكن هذا مقابل الحب وكل ما أطلبه هو أن تعطينى قلبك فقط أن تعطينى قلبك فتلاحظ عيناك طرقى وهذا تلقائيا يحولك الى المحبة التى تركتها وبذلك ترجع الى طبيعتك الأولى التى خلقت عليها فأنت على صورتى ومثالى وترجع إليك هيبتك وسلطانك على كل المخلوقات .
وهكذا نرى الله المحب فى كل تعاملاته مع البشر فقرأنا عن نوح البار وكيف أنه أخذ معه الى الفلك من جميع أنواع الحيوانات ومنها المفترسة طبعا وإذا فكرنا كيف لم تفترس تلك الحيوانات باقى الحيوانات الأخرى أو نوح وعائلته نجد أن الإجابة هى أن الله أعطى لنوح البار من هيبته وسلطانه على هذه الحيوانات .
ونرى أيضا دانيال النبى وهو وسط الأسود فلم يحدث له شيئا بل أن الأسود أقتربت إليه كى ما تستأنس إليه وأمثلة أخرى كثيرة لانستطيع حصرها من العهدين القديم والجديد تشهد عن حب الله لبنى البشر وأنه يعطيهم القوة والسلطان ليصنعوا الأشفية والعجائب التى لا يستطيع أحد بعيدا عن الله أن يعمل أصغرها .
هذا هو الحب الألهى وما يصنعه مع بنى البشر حتى أنه يحول الزناة الى بتوليون كما قال الشيخ الروحانى ( يوحنا سابا ) عن التوبة التى هى بنت المحبة الأولى فنرى أمثلة كثيرة من هذه النوعية فى العهد الجديد منها المرأة السامرية التى أعجب عندما أقرأ قصتها كيف أن الرب يسوع بواسطتها أجتذب السامرة كلها بعدما أن حاول أن يكرز فيها فلم يقبلوه بل طردوه من مدينتهم .
هذه المرأة كما قال عنها الكتاب أنها كان لها أربع أزواج ولم تكتفى بهم بل أنها بحثت عن شبعها مع الخامس وأظن أنها لم تجده أيضا ولأجل ذلك كانت تخرج فى الظهيرة لكى تملئ جرتها ماء كى لا تتقابل مع أحد من الذين يعرفوها لأنها زانية ولكن الله المحب كان يرتقبها فسار من اليهودية الى السامرة الى قرية سوخار وجلس على البئر ينتظرها بل وهيأ لها مناخا روحيا كى ما تعترف بأنها خاطئة وذلك بأن طلب من تلاميذه أن يذهبوا ليشتروا ما يأكلونه فذهبوا وأتت تلك المدعوة ( عاهرة ) وأقترب إليها الأله المحب طالبا منها الماء لكى يشرب ذاك الذى خلق الماء وأوجده وكانت هذه الكلمة هى الأشارة لفتح باب السماء لدخولها ليس لكونها تؤمن فقط بأنه الأله وحيد الجنس المتجسد ولكن لكونها أيضا أجتذبت السامرة كله الى الأيمان به بعد أن رفضوه قبلا فأصبحت هى أول مبشرة بالمسيحية فى كل العالم . ثم تعال نسمع ما قاله السامريون لها بعدما أمنوا بالسيد المسيح قالوا لها ( و قالوا للمراة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم ) ( يو 4 : 42 ) فقد كان الحب الخارج من قلبها للسيد المسيح يملئ الأرجاء حت فتح باب القلوب العمياء لكى تنظر الخلاص المعد لهم .
هذا هو الحب وهذا ما يفعله بالبشر يقيمنا من مذبلة الخطيئة لكى يجلسنا مع القديسين أشراف شعبه .
[b]