لم اسمع شيئاً
يقول رب المجد " لا تدينوا لكى لا تدانوا " . ولهذا كان القديس العظيم الأنبا إبرام اسقف الفيوم يكره الادانة وكان ينصح ابنائه دائماً بعدم الإدانة .
وهذه القصة الجميلة تبين مدى قداسة القديس العظيم , و مدى كرهه لهذه الخطية , وقد كتبها القمص تادرس يعقوب ملطى فى مجموعة قصصه الرائعة سلسلة قصص قصيرة , اتمنى ان تستفيدوا منها .
--------------------------------------------------------------------------------
عند باب مبنى أسقفية الفيوم القديم سأل الأب الكاهن عن ابيه الأسقف نيافة الأنبا إبرآم , فقيل له انه جالس على الاريكة ( الدكة ) كعادته فدخل اليه .
إذ رآه الأب الأسقف هم عليه مسرعاً فى بشاشة ليحتضنه ويقبله , ثم سأله عن أخباره , فتنهد الأب الكاهن بمرارة وهو يقول :
- لم انم الليل كله يا أبى الأسقف
- لماذا ؟
- بسبب زميلى الكاهن
هنا صمت الأب الأسقف دون أن تظهر على وجهه اية ملامح , لكن الكاهن استرسل فى الحديث عن زميله الكاهن . و إذ طال الحديث جداً والكاهن يشكو زميله استدعى الأنبا إبرآم احد العاملين فى الأسقفية ويدعى رزق , وسأله أن يهيئ له فنجان قهوة .
شرب الكاهن الفنجان و استرسل ايضاً فى الحديث , و إذ أطال عاد نيافته فطلب للكاهن فنجاناً آخر .
عاد الأب الكاهن يتحدث فى مرارة , والأسقف لا ينطق ببنت شفة ولا ظهرت اى علامة تعبر عن شئ كإنعكاس لما يسمعه . و أخيراً ختم الكاهن حديثه هكذا : " لقد أطلت الحديث عليك يا أبى الأسقف لكنك لم تجبنى بكلمة , ولا أرشدتنى ماذا أفعل " . عندئذ تطلع إليه الأب الأسقف وهو يقول : " سأطلب لك فنجان قهوة يزن عقلك ... صدقنى انى لم أسمع شيئاً من كل ما قلته "
خجل الكاهن جداً من نفسه وإعتذر عما صدر منه من شكوى ضد الكاهن زميله , طالباً منه أن يصلى من أجله حتى يقدر أن يضبط لسانه , بل وفكره فلا يدين أحداً , إنحنى برأسه يعتذر عما قاله , سائلاً الأب الأسقف أن يصلى من أجله كى يعطيه الرب حلاً عن خطاياه .
خرج الأب الكاهن من حضرة أبيه الأسقف ليجد امامه زميله الكاهن فاحتضنه وقبله ناسياً كل ما صدر منه .
عاد الكاهن إلى الأب الأسقف وأسرع بعد فترة ليست بطويلة فسأله الأسقف عن حال زميله , فأجاب الكاهن أن كل الأمور تسير بخير وأنه يشعر بأن زميله الذى كان قبلاً يراه كمضايق له قد صار لطيفاً معه للغاية , بل ويشعر انه غير مستحق لزمالته ونوال بركته , وكان الكاهن يمتدح زميله جداً , ففرح به الأب الأسقف , وتطلع إليه ببشاشة وهو يقول له : " أسرع إلى الكنيسة وأشترك فى صلاة القداس الإلهى "
خرج الأب الكاهن من حضرة أبيه الأسقف وأسرع إلى الكنيسة حيث اشترك مع الآباء الحاضرين فى القداس , وكان متهللاً جداً و يشعر بلذة روحية فائقة , وكانت نفسه كأنها منطلقة فى السموات عينها .
انتهى القداس الإلهى بسرعة عجيبة , وانطلق الكاهن يحمل " قربانة حمل " نحو الباب الخارجى , ففوجئ به مغلقاً . أخذ الكاهن يقرع باب الكنيسة حتى فتح له الفراش وهو مندهش .
_ كيف دخلت يا أبى الكنيسة ؟
_ كان الباب مفتوحاً
_ أنا لم أفتحه بعد
_ كيف هذا ؟ فإننى أشتركت مع بعض الآباء فى خدمة القداس الإلهى .
_ أى قداس ؟
_ القداس الإلهى .
_ لم يقم اليوم قداس إلهى .
_ أقول لك إننى أشتركت فى الصلاة بنفسى , وها هى " قربانة الحمل "
عندئذ ادرك الأب أنه إنما كان يصلى القداس الإلهى مشتركاً مع جماعة من الآباء السواح مكافأة له عن تركه إدانة أخيه الكاهن وإتساع قلبه بالحب .
--------------------------------------------------------------------------------
ليصمت لسانى عن الإدانة ,
فيرفع قلبى وفكرى إلى سمواتك ,
ليتنى لا انشغل بضعفات الآخرين ,
فأتمتع بشركة السمائيين ,
هب لى ألا ادين أحداً ,
فأهرب من الدينونة الأبدية [b]