لنيافة الأنبا موسى
ابنى... ابنتى
...
أنا أعرف أنكما سمعتما كثيراً عن التوبة، ولقد قال لكما أبنائى الخدام، أن التوبة هى طريق الحياة الأبدية... وهذا حق. لكننى ألاحظ أحياناً نوعاً من الخلط فى مفهوم التوبة:
البعض يقول أنها كراهية الخطية...
والبعض الآخر يرى أنها الاقلاع التام عن الخطية...
والبعض الثالث ير فيها جهاداً مضنياً، وقيوداً صعبة، يكبل بها نفسه...
لكن التوبة ببساطة هى الحديث معى فى حب... ليست سوى ذلك... الانتباه إلىَّّ... والحوار اليومى المتصل معى...
ألا تتذكروا قصة المرأة الخاطئة (لو 7)، وكيف أنها ذرفت دموع الندم على بعدها، وكل ما فعلته أنها جاءت إلىّ... فى ثقة الحب اللانهائى الذى فى قلبى من نحوها... لم تتكلم كلمة واحدة... ولم تظهر بطولات جهادية ضد الخطايا التى كانت تشربها كالماء حتى أغفر لها... لقد غفرت لها "لأنها أحبت كثيراً"... لذلك فالتوبة هى الحب... الحب الذى فى قلبى من نحوكما... وانعكاسات ذلك الحب فى قلبيكما..
لذلك فأنا مستريح إلى مفهوم التوبة فى الكنيسة... فهى لا تلح عليكما من أجل توبة لحظة... ولكنها تطلب منكما حياة توبة كاملة... بها تدخلون أبواب الحياة الأبدية!! وها معقول طبعاً.
فالتوبة كما أنها موقف عودة إلى بيت الآب "أقوم وأذهب إلى بيت أبى" (لو 24:5)، كذلك فهى حياة مستمرة داخل بيت الآب، من هنا تكون التوبة عملية حب متجدد طول الحياة، ويمتد إلى الأبدية السعيدة مع الله.
إذن، فلا تكتئب يا ابنى حين يقول لك خدامى: تب... ولا تتصور أن التوبة مسئوليتك وحدك... ولاهى قيود حديدية أربطك بها... التوبة حب... والحب قيوده جبارة... إذ يشدك إلىّ... ويشدنى إليك... فنحيا معاً فى عشرة تدوم إلى الأبد!